ماذا لو كان محمد الشوربجي صينيا

ماذا لو كان محمد الشوربجي صينيا!

أثار قرار لاعب الإسكواش المصري محمد الشوربجي باللعب تحت علم إنجلترا غضبا واسعا، ليس فقط بين أوساط محبي اللعبة، بل أيضا رجل الشارع العادي الذي على الأرجح لا يعلم ما هي رياضة الإسكواش ومن هو الشوربجي. تلقى اللاعب ضربات موجعة من الاتهامات بالتخوين وانعدام الوطنية. وزادت حدة الاتهامات بعدما فاز الشوربجي على منافسه المصري طارق مؤمن في بطولة موريشيوس المفتوحة للإسكواش. 

منذ أن أُعلن الخبر لم يتوقف عقلي عن عقد مقارنة بين الشوربجي وعشرات اللاعبين الصينيين الذين يلعبون باسم بلاد أخرى غير بلدهم الأم، خصوصا في الرياضات التي تتميز فيها الصين وأبرزها تنس الطاولة وكرة الريشة.

 تتمتع الصين بنصيب الأسد في البطولات الدولية والقارية لرياضة تنس الطاولة، والتي يمكن أن نقول تجاوزا أنها تماثل مكانة مصر الدولية في لعبة الإسكواش. تحصد الصين، بسهولة بالغة، الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية في جميع مسابقات تنس الطاولة بكل فئاتها، فردي رجال، فردي نساء، زوجي رجال، زوجي نساء، وزوجي مختلط. 

ولكن هذا التميز، الغير اعتيادي، له أيضا أثاره السلبية على اللاعبين. فكثير من الآباء في الصين يرسلون أطفالهم لممارسة رياضة تنس الطاولة، أملا في تحقيق التفوق الرياضي والحصول على لقب أولميبي. إلا أن المنافسة الشرسة على المقاعد القليلة المتاحة في المسابقات الدولية تدفع المزيد من اللعبين إلى الاختيار بين أمرين، إما التقاعد والتخلي عن الحلم الأوليمبي، وإما التوجه إلى بلدان أخرى بحثا عن اقتناص فرصة للمشاركة في الألعاب الأوليمبية. 

بدأت موجة تجنيس اللاعبين الصينيين على استحياء في أوائل الألفية، ثم أخذت في الازدياد حتى جاءت أولمبياد ريو دي جانيرو الصيفية عام 2016، والتي كان فيها ما لا يقل عن 44 لاعبا من لاعبي تنس الطاولة من مواليد الصين. ستة لاعبين منهم فقط يلعبون باسم الصين، والباقون يلعبون تحت أعلام 21 دولة أخرى.

من أبرز هذه الدول سنغافورة، التي كان فريقها بالكامل المكون من 5 لاعبين من أصول صينية، وأستراليا بـ3 لاعبين من أصول صينية، والولايات المتحدة أيضا بـ 3 لاعبين، وكندا بلاعبين صينين هما قوام الفريق الأوليمبي، وغيرها من الدول الأوروبية مثل البرتغال وإسبانيا، ومن المنطقة العربية مثل قطر…الخ. 

في أولمبياد طوكيو 2020 أصبح الأمر فج بصورة لا يمكن تجاهلها، لأن المنافسات جميعها بدت وكأنها صينية- صينية، مع تغيير لون القميص لا أكثر. فترى الشاشة تشير إلى أن المباراة بين كندا وأستراليا. ولكن بمجرد بداية المباراة تصاب بالحيرة فاللاعبين كليهما صيني، وأحيانا يتحدثان سويا باللغة الماندرينية. بل ليس ذلك فقط. تجد المدربين أيضا صينيين. ليصبح جميع من على أرض الملعب صيني، إلا أنه لا وجود للعلم الصيني.

أَضناني البحث في المواقع الصينية المهتمة بالرياضة لم أجد من يسب هؤلاء اللاعبين، أو من يتهمهم بالخيانة لتركهم فريقهم الوطني والبحث عن فرصة في بلد آخر. بل على العكس من ذلك، وجدت حفاوة وتقدير وشيء من الفخر الوطني بأن الصين تسيطر على هذه الرياضة وأن أبنائها منتشرون في كل مكان في الأرض من أقصاها إلى أقصاها. وأصبحت اللعبة بمثابة “ماركة صينية مسجلة” وتمثل أداة دبلوماسية وقوة ناعمة. 

أليس من الممكن أن تستغل مصر فرصة التميز الرياضي الاستثنائي في لعبة الاسكواش لكي تصنع هي الأخرى ” ماركة مسجلة مصرية”؟  بدلا من الاتهامات البائسة بالخيانة والعمالة!